أشعر بالنفور من أمي
مشكلتي أني دائمًا أشعر بالنفور من والدتي ولا أعلم لماذا؟! أنا فتاة مزاجية وعصبية ولكني في أغلب الأحيان أكون قادرة على السيطرة على نفسي مع الأغراب إلا معها هي، ولا أعلم ماذا يحدث لي عندما تتحدث إليَّ أو تطلب مني شيئًا، مع العلم أني محبوبة بين الناس، ودائمًا يشيدون بأخلاقي وطيبة قلبي، وهذا يعذبني؛ لأني أشعر أن الناس مخدوعون فيّ، ولو عرفوا الحقيقة لكرهوني. أنا دائما أشعر بعدم الرغبة في التحدث إليها، وللأسف وصلت الأمور في فترة من الفترات إلى حد أني شتمتها بألفاظ لم أفكر يوما أن أقولها لمخلوق فإذا بي أجد نفسي أتفوه بالكلام الجارح والقاسي لأمي التي أحب.. وللأسف دفعتها بيدي أكثر من مرة، وفي كل مرة أندم، ودائما أسأل نفسي: لماذا أعامل أمي هكذا؟! علمًا أني مهما أفعل فيها تكلمني وتبتسم لي في اليوم التالي وكأني لم أفعل لها شيئاً بل تدعو لي.. علمًا أنها مريضة منذ سنوات، فأحسست بتحملي المسؤولية قبل الأوان، لأني صرت مسؤولة عنها، وليست لديّ أخت بجانبي.. فأحبانا كثيرة أحس بالضغط وأشعر أني وحيدة.. أمي ليست معاقة لكن عندها خللا في التوازن، ومشكلة في التركيز.. أنا أعلم جزاء عقوق الوالدين، وأدرك أنها من الكبائر، وأنا دائما أشعر بالندم والخجل من نفسي.. ودائمًا أدعو الله أن يشرح لي صدري ويعينني على نفسي وعلى رضاه ورضا والديَّ.. علمًا أني أشعر بالندم والخوف من عقاب الله في الدنيا والآخرة، ودائمًا أتخيل أني لو تزوجت وأنجبت أولادًا فسيعاملوني نفس المعاملة السيئة، لدرجة أني فقدت الرغبة في الزواج خوفا من هذا الموضوع… أرشدوني ماذا أفعل؟
هل حدث موقف معين من امك تسببت فيه باهانة لك؟ هل هي تستقوي عليك بابيك او اخوتك؟ هل تتعمد استفزازك او تعاملك عند خطأك معاملة المنتقم لا من يريد المصلحة ؟ دعيك من حكاية انها تنسى اليوم الثاني.. اريد ان تعيدي النظر في المعاملة من الجانبين بيعدا عن تانيب الضمير الذي هو ناتج عن شحن البيئة دينيا واجتماعيا اكثر منه شعور حقيقي يبتع..
استعيذي بالله من نفسك الأمارة بالسوء، وارضي بما قسمه الله لكِ، واحمدي ربك أن وهبكِ باباً من الجنة ما زال مفتوحاً لتنهلي فيه من كنز للحسنات أمامك ولن يفنى إلا بموتها، والعاقل من زرع اليوم ليحصد غداً، فليعمل ابن آدم ما شاء فإنه مجزي به، والبر لا يبلى والديان لا يموت.
أسال الله تعالى أن يقيك شر نفسك ووساوس الشيطان، ويعينك على بر أغلى الناس.
تشعرين بالنقمة وعدم الرضا لسبع سنوات حرمتِ فيها من علاقة طبيعية بينك وبين أمك لمرضها، وتناسيتِ وأعمتك قسوتك وأطفات بصيرتك عن عشرين عاماً مضت منحتك فيها كل ما تملك، فأين العدل في الحساب إن حُقَّ لنا أن نحاكم أمهاتنا وآباءنا إن أصابهم المرض فقصروا فيما تصورنا أنه حق مكتسب لدينا إلى نهاية العمر؟
نعم، أنتِ في وضع خطر، ولذا كانت كلماتي إليكِ قاسية؛ لأني أخشى عليكِ عقاب الله تعالى الذي تدركينه جيداً بعقلك، ولكن يبدو أنه لم يلامس وجدانك؛ لذا لم يتحول إلى سلوك سوي يردعك نهائياً عما تفعلينه تجاه أمك، ودعِي عنكِ أمر الزواج وعقوق الأبناء، فهل أمنتِ عقاب الله لكِ حتى من دون زواج؟
فكري في عذاب ضميرك الذي لن يرحمك إن ماتت وأنتِ تعاملينها بهذه الطريقة وستندمين حين لا ينفع الندم على كل لحظة، بل كل نظرة ونَفَس، بل كل حرف قسوتِ فيه عليها، فارحمي نفسك من يوم مثل هذا يُروى أنه يُقال فيه للعبد: “اعمل صالحاً نرحمك؛ فقد ماتت التي كنا نرحمك من أجلها”.
لو كنتِ أنتِ مكانها وابتلاكِ الله بمثل هذه الأمراض، أما فكرتِ لحظة كيف ستكون معاملتها لكِ وإشفاقها عليكِ، وأعلم أنه لا مقارنة إطلاقاً.
ألا تفكرين لحظة في عظم الأجر والثواب حين تحسنين معاملتها فيكون لكِ أجر البر بأمك، وأجر رعاية مريض ومراعاة مشاعره وأحاسيسه، وأنه لعل لكِ درجة في الجنة لن تبلغيها بأعمالك، فمنحكِ الله هذه الهبة حتى تكون سلماً لدرجة في الجنة عالية؟
أي مقارنة ظالمة جاحدة قاسية تعقدينها بين أمك وأمهات صديقاتك، فهل المرض بأيدينا واختيارنا، وهل لو كانت بصحتها وعافيتها، أكانت تقصر معكِ؟